العلــــم النافـــــع

موقع رائع يقدم لكم أبحاث ومعلومات ومعارف مدققة ومحققة بإذن الله تعالى ،وما توفيقي إلا بالله .

الخميس، 13 ديسمبر 2012

اقتربت الساعة

"اقتربت الساعة "

مترجم إلى الانجليزية ، لا تنسوني من دعائكم 





السبت، 6 أكتوبر 2012

Who is Muhammad ?

من هو محمد صلى الله عليه وسلم ؟
Who is Muhammad (Peace be upon him)

من هو محمد الذي يتبعه أكثر من مليار مسلم
Who is Muhammad that is followed by more than one billion Muslims?


هل هو عالم مبجل ومميز ؟
Is he a venerable scientist?


هل هو أمير دولة محبوب
Is he a popular prince?


هل هو رئيس وزراء دولة مُحَـنَّـك ؟
Is he a sophisticated Prime Minister ?


هل هو ملك عادل ؟
Is he a fair king?


الجواب
The answer is
لا
No




أعظم من كل هؤلاء جميعا
He is greater than all of those
إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم
He is the Messenger of Allah

محمد صلى الله عليه وسلم ذلك الشخص الذى جاء منذ أكثر من 1400 سنة
برسالة من الله سبحانه وتعالى
وقال أنه مكلف بنشر هذه الرسالة فى الأرض كلها غير متقيد بزمان أو مكان أو جنس أولون أوشكل
قائلاً أن رسالته هذه آخر رسالات السماء إلى الأرض وأنه خاتم الرسل والأنبياء فلا رسول ولا نبى بعده صلى الله عليه وسلم
Muhammad received the message from Allah 1400 years ago to call all mankind to follow the true path, no matter where or when; no matter if white or black, his message is for all.
His message is the last and the lasting one, no messenger will come after him, he is the last Messenger.

http://whoismohammad.com/


Who is Muhammad?
أهو ذلك الأرهابي الذى تنتقل صوره في الصحف
أم هو الرجل العسكرى المنظم الذي إنتصر فى معظم حروبه على أعدائه.
أم هو العبقري الذي ألف بين قلوب القبائل المتحاربة؟
Is he a terrorist, as said by the Western media, or is he the brave warrior who won most of his battles against the enemies of Islam, or is he the genius who resolved all cases and troubles between the tribes. 

إنه من حفظ حقوق الكل
He is the one who protected our Rights.

حفظ حقوق الرجال وحقوق النساء وحقوق الصغار
He protected men's, women's and children rights


حفظ علاقة الجار بجاره
He protected the relations between neighbors


وأسس علاقة المسلمين مع بعضهم ومع غير المسلمين
He established the relationship between Muslims and Non-Muslims .

و نظم العلاقات الأسرية التي تضمن للأب وللأم حقوق كبيرة وعظيمة على أبنائهم
He organized the relationship between the members of the family showing the duties towards the parents


منع الظلم ودعا للعدل و المحبة والتكاتف والتعاون للخير
He prevented injustice and called for justice, love, togetherness and cooperation for the best.


دعا لمساعدة المحتاج وزيارة المريض و التناصح والمحبة
He called for helping the needy, visiting the patients, love and exchanging advises between people.



منع على المسلمين المعاملات السيئة مثل السرقة والغش والقتل والظلم
He prohibited bad manners such as steeling, lying, and murdering .



إنه من غير حياتنا وطباعنا السيئة إلى حسنة
He is the one who changed our lives and manners to the best .


المسلم .. لا يسرق


A Muslim doesn't steal


المسلم لا يكذب
A Muslim doesn't lie


المسلم لا يشرب الخمر
A Muslim doesn't drink alcohol.

المسلم لا يزنى
A Muslim doesn't commit adultery

المسلم لا يغش
A Muslim doesn't cheat

المسلم لا يقتل الأبرياء
A Muslim doesn't kill innocent people

المسلم لا يؤذي جارة
A Muslim doesn't harm his neighbors

المسلم يبر بوالديه و يخدمهما
A Muslim obeys his parents and helps them

المسلم يعطف على الصغار وعلى النساء وعلى الضعفاء وكبار السن
A Muslim is kind to young and elderly people, to women and to weak people.
المسلم لا يعذب البشر ولا الحيوانات
A Muslim doesn't torture humans or even animals
المسلم يرحم ويحب زوجته ويهتم و يعطف عل أبناءه حتى آخر يوم من عمره
A Muslim loves his wife and takes care of his children and show mercy towards them until the last day of his life.


المسلم لا تنتهي علاقته بأولاده بعد سن الرشد أبدا 
A Muslim's relationship towards his children never stops even when they become adults

إنه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم
He is Muhammad (PBUH)


هل عرفتم لماذا يحب كل المسلمون محمد صلى الله عليه وسلم ؟
Did you know why all Muslims love Muhammad (PBUH)?

هل عرفتم ماذا يعنى محمد صلى الله عليه وسلم للمسلمين ؟
Did you know what does Muhammad mean for Muslims?

كل مسلم يحب محمد صلى الله عليه وسلم أكثر من كل شئ
Every Muslim loves Muhammad (peace be upon him) more than himself and more than everything in his life.

Quran in the English


Translation of the Meanings of The Noble Quran in the English 

http://d1.islamhouse.com/data/en/ih_books/single/en_Translation_of_the_Meanings_Quran.pdf

السبت، 8 سبتمبر 2012

What's Islam? Who is Mohamed? Purpose of Life? Ibrahim Zidan

What's Islam? Islam in Brief - Yusuf Estes

الخميس، 10 مايو 2012

عودة إلى السنة للشيخ الألباني محدث العصر

عودة إلى السنة
للشيخ محمد ناصر الدين الألباني (1)

كتب الأستاذ الفاضل صديقنا الشيخ علي الطنطاوي مقالاً مسهباًً تحت عوان " مشكلة " نشره في عدد جمادى الأولى سنة 1375 من مجلة المسلمون.

بدأ فيه فوصف أفراداً من المسلمين جعلهم أمثلة للذين يدعون الإسلام منهم ولا يعملون به ، ثم تعرض لنقد طوائف نعتهم بـ " الدعاة إلى الله ، الذين نرجوا بهم نصرة الإسلام ، وإعادة أهله إليه ".

فبدأ بنقد " من يرى الإسلام في اتباع مذهب من المذاهب الأربعة والوقوف عندما أفتى به متأخرو فقهائه " ثم ثنى بالرد على " من يدعو إلى العودة إلى السنة " وأفاض هنا ما لم يفض في رده على غيرهم !

ثم ختم الشيخ مقاله بما خلاصته : " وهؤلاء الدعاة مختلفون أبداً ، آخذ بعضهم بخناق بعض ، يتناظرون أبداً ويتجادلون ، يتقاذفون الردود ، لا في مصر والشام والعراق وحدها ، بل في بلاد الإسلام جميعاً . . . والإسلام الذي جاء به محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم- واحد ، له مفهوم واحد ، فعلام هذا الاختلاف ؟ . . . ".

" وأنا لا أقول بتوحيد الأفهام ومنع الاختلاف ، فما أظن أن هذا يكون ( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ) ، ولكن الذي أقوله هو وجوب الاتفاق على الأسلوب الذي ندعو به إلى الاسلام ، والصورة التي نعرضها له على التلاميذ في المدارس ، والعامة في المساجد ، والأجانب في بلاد الغرب لنقول لهم هذا هو أساس الإسلام ، وهذه أركانه ، وهذا طريق الدخول فيه ، لا نفاجيء واحداً من هؤلاء بالخلاف في فهم مشكلات الآيات ، ولا الاجتهاد والتقليد ، ولا نبدؤهم بمستحدثات المتصوفة وقوانين الطرق ، ولا نحملهم على الآراء الفردية التي لا يقرها الجميع ".
" فما هو الأسلوب ( العملي ) الممكن للوصول إلى هذه الغاية ؟ هل يكون ذلك بمؤتمر لعلماء المسلمين ، أم يتولاه معهد من المعاهد العلمية، أو يقوم به واحد من المسلمين ؟ ما هو الأسلوب ؟ ".
وللجواب عن سؤال الأستاذ نسوق هذا المقال فنقول :

1- لا اتفاق على الأسلوب قبل الاتفاق على الهدف : (الإسلام)

إن الذي يقرأ مقال الشيخ بتدبر وإمعان ، يظهر له أن فيه فجوة تركها الشيخ دون أن يملأها ببيانه ، ذلك أنه بعد أن عرض " المشكلة " عرضاً بيناً قفز إلى الدعوة إلى وضع أسلوب عملي للدعوة إلى الإسلام ، والمنطق يشهد أنه كان من الواجب بعد عرض المشكلة التحدث عن طريقة حلها أو على الأقل دعوة العلماء إلى حلها ، ثم بعد ذلك يأتي دور الدعوة إلى وضع أسلوب عملي للدعوة إلى الإسلام ، لأنه من البدهي أنه مادام الدعاة إلى الإسلام مختلفين في فهم الإسلام ذلك الاختلاف الذي وصفه الشيخ وهو في الواقع أكثر مما وصف ! فإنه من غير الممكن أن يتفق هؤلاء على الأسلوب العملي ، كيف وهم لم يتفقوا على فهم الهدف ( الإسلام ) ؟

ولو فرضنا أنهم اتفقوا على أسلوب ما ، فلن يؤدي بهم إلى الدعوة إلى " إسلام واحد له مفهوم واحد " ، بل سيدعو كل منهم إلى الإسلام الذي فهمه هو ، أو تلقاه عن آبائه ومشايخه ، وبذلك تعود المشكلة كما هي دون أن نستفيد من أسلوب الدعوة شيئاً لو تمكنوا من وضعه !

إذن لابد من وضع حل لهذه " المشكلة " فما هو ؟ وأين هو ؟

2- حل المشكلة بالرجوع إلى السنة :

لا شك أن المفروض في الدعاة إلى الله تعالى أن يكونوا من أطوع الناس لله تعالى ، وأسرعهم مبادرة إلى تطبيق أحكامه عز وجل ، فإذا كانوا مختلفين في فهم الإسلام فمن الواجب عليهم أن يحتكموا إلى ما أمر الله به ، من الرجوع إلى السنة ، لأنها هي التي تفسر القران ، وتوضحه ، وتبين مجمله ، وتقيد مطلقه ، كما يشير لهذا قوله تعالى : ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ) وقد قال عز وجل : ( فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا ).

فهذه الآية الكريمة صريحة في أن من كان مؤمناً حقاً رجع عند الاختلاف إلى حكم الله عز وجل في كتابه ، وبيان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سنته ، وأن الرجوع إليهما يرفع الخلاف ، فوجب بنص هذه الآية على الدعاة أن يرجعوا إلى السنة الكريمة ليرفعوا الخلاف بينهم.

ومما لا شك فيه أن الرجوع إلى السنة يقتضي العلم بها والمعرفة بما صح منها وما لم يصح ، والدعاة في هذا العصير بين إحدى حالتين:
1- إما أن يكونوا قادرين على الرجوع إليها ، وحينئذ فالطريق سهل بين ليس عليهم إلا سلوكه ، وهم في الغالب لم يفكروا في سلوكه بعد !
وهنا يقال : كيف يدعو إلى الإسلام من لا يحكم الإسلام في نفسه ؟
2- وإما أن يكونوا عاجزين عن الرجوع إليها بسبب جهلهم بها ، كما هو الغالب مع الأسف على أكثر الدعاة ، ففي هذه الحالة عليهم أن يعدوا العدة لتخريج جماعة ، بل جماعات من العلماء ، يتدارسون كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ويتفقهون فيهما ، ويصدرون الفتاوى معتمدين عليهما ، كما كان عليه الأمر في عهد السلف الصالح(2) فإذا تحقق هذا - وهو واقع إن شاء الله تعالى ولو بعد حين - نكون قد سلكنا النهج المستقيم للقضاء على الخلاف في فهم الإسلام على الصورة التي عرضها الشيخ الطنطاوي -حفظه الله تعالى- في مقال : " المشكلة " وبذلك يمكن حل ( المشكلة ) التي تقف عقبة في سبيل " الاتفاق على الأسلوب الذي ندعو به إلى الإسلام ".

3- هل يرض الدعاة بهذا الحل ؟

لكن يبدو للباحث أن كثيراً من الدعاة اليوم لا استعداد عندهم -مع الأسف الشديد- لتقبل الحل المذكور منهجاً للقضاء على الخلاف ، مما يحملنا على أن نعتقد أن تحقيق الاتفاق الذي يدعو إليه الشيخ بعيد المنال في الوقت الحاضر ، كيف لا ، ونحن نرى حضرته - وهو ممن كنا نظن أنه من أقربهم إلى السنة وأدناهم للتفاهم معه في سبيل الدعوة إليها والعمل بها - نراه قد حمل في مشكلته هذه على الدعاة إلى السنة حملة شعواء ، وهجاهم فيها بما لم يهج به القائلين بوحدة الوجود !

وهذا في الواقع من غرائب الاختلاف ، فبينما يرى دعاة السنة أن " المشكلة " لا تحل إلا بتبني الدعاة لدعوتهم حقاً ، إذا ببعض هؤلاء الدعاة يجعلهم من الدعائم التي قامت بسببهم " المشكلة " !

هذا ولما كان في رده عليهم كثير من الأخطاء والآراء التي يفهم منها القراء خلاف ما عليه دعاة السنة ، رأيت أنه لا بد من بيان ذلك إظهاراً للحق ودفعاً للتهمة ، راجياً من فضيلة الشيخ أن يتقبل ما عسى أن يظهر له صوابه ، وأن يدلنا على ما تبين له خطؤه ، سائلاً المولى -سبحانه وتعالى- أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه ، موافقة لسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-.

4- نص كلام الأستاذ الطنطاوي :

" وآخر يرى الإسلام في ترك المذاهب كلها ، والعودة إلى السنة ، فكل من استطاع أن يقرأ البخاري ومسلم ومجمع الزوائد ، وأن يفتش عن اسم الراوي في التقريب أو التهذيب ، وجب عليه الاجتهاد ، وحرم عليه التقليد ، ويسمون هذا الفقه العجيب الذي يشبه فقه برد(3) (والد بشار) بفقه السنة ، لا يدرون أن الوقوف على الأحاديث ومعرفة إسنادها ودرجاتها شيء ، واستنباط الأحكام منها شيء آخر ، وأن المحدثين كالصيادلة ، والفقهاء كالأطباء ، والصيدلي يحفظ من أسماء الأدوية ويعرف من أصنافها ما لا يعرفه الطبيب ، ولكنه لا يستطيع أن ( يشخص ) الأمراض ويشفي المرضى ، وأن الصحابة أنفسهم لم يكن فيهم إلا مئة ممن يفتي ، وأن مئة الألف من المسلمين الذين توفي عنهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- كانوا يرجعون إلى هذه المئة ، ولا يجتهدون لأنفسهم ، وأنه إن لم يطلع الإمام من الأئمة على الحديث من الأحاديث ، فإن أتباع مذهبه قد اطلعوا عليه خلال هذه القرون الطويلة ، وأنهم كانوا اتقى لله وأحرص على دينهم من أن يخالفوا حديثاً صحيحاً لقول إمام أو غير إمام ، وأن المذاهب لم تأخذ الأحاديث وحدها ، بل أخذت الحديث وما قال فيه الصحابي ، والتابعي ، ومن بعده ، وسجلت هذه الشروح والأفهام المتعاقبة ثم استخلصت منها الحكم ، وأن من يترك اجتهادات الأئمة كمن يرى الطيارة وما بلغت إليه بعد الجهود المتتالية والرقي المتسلسل ، فيتركها ويعرض عنها ، ويحاول الطيران بأجنحة ليركبها لنفسه كما فعل العباس بن فرناس ، وإن دعوى منع التقليد في الدين دعوى باطلة ، لأن في كل علم أهل اختصاص فيه ، وغرباء عنه فإذا احتاج الغريب إلى معرفة حكم فيه رجع إلى أهله ، كالعامي يحتاج إلى مداواة مريضه ، أو عمارة بيته ، أو إصلاح ساعته ، فلا يستطيع إلا الرجوع إلى الطبيب أو المهندس أو الساعاتي ، وتقليده فيما يذهب به إليه اجتهاده " اهـ.

5- لماذا يدعو دعاة السنة للعودة إلى السنة:

وإني قبل الشروع في بيان ما في كلام الأستاذ الطنطاوي من الأخطاء ، أرى لزاماً علي أن أبين الأسباب التي تحمل دعاة السنة على الدعوة إليها ، وترك كل قول يخالفها فأقول :

أولاً : إنها المرجع الوحيد بعد القرآن الكريم ، وفي ذلك آيات كثيرة معروفة وعلى ذلك إجماع الأمة .

ثانياً : إنها عصمة من الوقوع في الخطأ وأمان من التردي في الضلال كما قال -صلى الله عليه وسلم- في حجة الودع : " يا أيها الناس إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً كتاب الله وسنة نبيه " (4) ، وليس كذلك اجتهادات الرجال وآراؤهم ، ولذلك قال الإمام مالك -رضي الله عنه- : " إنما أنا بشر أخطيء وأصيب ، فانظروا في رأي فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوا به ، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه " (5) ، وقال شريح القاضي : " إن السنة سبقت قياسكم ، فاتبعوا ولا تبتدعوا ، فإنكم لن تضلوا ما أخذتم بالأثر "(6).

ثالثأ : إنها حجة ملزمة باتفاق المسلمين ، بخلاف آراء الرجال فإنها غير ملزمة عند السلف(7) وغيرهم من المحققين ، قال الإمام أحمد -رضي الله عنه - : " رأي الأوزاعي، ورأي مالك، ورأي أبي حنيفة كله رأي ، وهو عندي سواء ، وانما الحجة في الآثار (8) .

رابعاً : إنه لا يمكن لطالب العلم أن يصير فقيهاً حقاً إلا بدراستها ، فهي وحدها بعد القرآن الكريم تؤهله لأن يستنبط ويقيس قياساً صحيحاً إذا أعوزه النص ، فلا يقع مثلاً في مثل الأخطاء التي يقع فيها الجهال بها ، كقياس الفرع على الفرع ، أو الضد على الضد ، أو القياس مع وجود النص ، ولهذا قال ابن القيم -رحمه الله-(9) : " إن أصح الناس قياساً أهل الحديث ، وكلما كان الرجل إلى الحديث أقرب كان قياسه أصح ، وكلما كان عن الحديث أبعد كان قياسه أفسد ".

خامساً : إنه لا يمكن القضاء على ما دخل في المسلمين من البدع والأهواء إلا من طريق السنة ، كما أنها سد منيع للوقوف في وجه المذاهب الهدامة ، والآراء الغربية التي يزينها أصحابها للمسلمين ، فيتبناها بعض دعاتهم ممن يدعي التجديد والإصلاح ونحو ذلك !

سادساً : إن المسلمين اليوم قد شعروا -على اختلاف مذاهبهم وفرقهم- أن لا مناص لهم من الاتحاد ونبذ الخلاف حتى يستطيعوا الوقوف صفاً واحداً تجاه أعدائهم ، وهذا لا يمكن إلا بالرجوع إلى السنة لما سبق ذكره في الأسباب ( 1، 2، 3).

سابعاً : إنها تقرن مع ما تحمله من أحكام مرغبات في تنفيذها ، ومرهبات عن التساهل بها ، وذلك أسلوب النبوة ، وروح الشرع ، مما يجعل أصحابها أرغب في القيام باحكامها من الذين يأخذونها من كتب الفقه العارية عن الدليل ، وهذا أمر مشهود ما أظن أن أحداً حتى من المتعصبين للمذاهب ينكره.

ثامناً : إن المتمسك بها يكون على مثل اليقين في الأحكام التي يأخذها منها ، بخلاف المقلدين الجهال بها ، فإنهم يضلون بين الأقوال الكثيرة المتضاربة التي يجدونها في كتبهم ، ولا يعرفون خطأها من صوابها ، ولذلك قد يفتي أحدهم في مسألة بقولين متعارضين ، فيقول مثلاً : يجوز ذلك عند أبي حنيفة ، ولا يجوز عند صاحبيه ، مع أن السنة الصحيحة الصريحة مع أحد القولين ، ولكنه لجهله بها يحكي القول المعارض لها ، بدون إنكار منه له ، ولو بطريق الإشارة ، فيلقي بذلك المستفتي في الحيرة ! بل إن بعضهم يجعل القولين المتناقضين كشريعتين محكمتين يجوز للمسلم أن يأخذ بأيهما شاء ! بل إن بعض الشافعية أجاز لنفسه أن يفتي بالقول الذي يعطى عليه أجراً أكبر !

تاسعاً: إن السنة تسد الطريق على الذين يريدون أن يتحللوا من الإسلام باسم المذاهب الفقهية نفسها ، ويتخذون من التلفيق باسم المصلحة ما يؤيد حجتهم ! ولا يعجزون أن يجدوا في ثنايا المذاهب في كل مسألة من الممسائل ما يوافق ويؤيد " مصلحتهم " المخالفة للسنة(10) ، وهم لذلك يحاربون الرجوع إلى السنة ، لأنها تسد الطريق عليهم كما قلنا ، وتكشف تسترهم وراء المذاهب و " سعة الشريعة الإسلامية بسعة الأقوال الكثيرة ، والاجتهادات الغزيرة والثروة الفقهية الطائلة التي قل أن تخرج مسألة عنها " ؟! والله أعلم بما يوعون.

فهذه بعض الأسباب التي تحضرني الآن مما يحمل أنصار السنة على الدعوة إليها ، وإيثارها على خلافها ، فكيف لا يدعون الناس إليها ويرغبونهم في الاهتداء بهديها ، والاستنارة بنورها ؟ بل كيف لا يفدون أرواحهم في سبيلها ؟

فالعجب ممن يريد أن يصدهم عنها ، ويحملهم على تركها إلى التمسك بالمذهب ، مع أن إمامه يأمر بالرجوع لها ، وتسليم القياد لها ، هيهات هيهات !

6- بيان ما في كلام الأستاذ الطنطاوي من المآخذ :

بعد هذا نعود فنذكر ما بدا لنا من المآخذ في كلام الطنطاوي فأقول :

1- قال الشيخ : " وآخر يرى الإسلام في ترك المذاهب كلها ، والعودة إلى السنة ".

أقول : أما العودة إلى السنة فحق واجب ، وقد سبق بيان أسباب ذلك في الفصل السابق ، وأزيد هنا فأقول : إنه يجب على كل مسلم أن يستجيب لدعوتهم هذه إن كان مؤمناً حقاً ، فقد قال تعالى : ( إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون * ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون ) وقال في المنافقين : ( وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون ) وقال ( وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا ) . إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة ، وهي معروفة ، وانما أوردنا بعضها للذكرى.

فلا حجة لأحد في أن لا يستجيب لدعوتهم هذه ، فكيف في الإنكار عليهم بسببها ؟ ولئن كان بعض الناس يزعم أن الدعاة إليها ليسوا أهلاً من الوجهة العلمية للقيام بها - كما قد يشير لهذا قول الشيخ في الفقرة الآتية ، فهذا -لو صح- ليس بمسوغ لهم أبداً أن يردوها عليهم ، لأن الحق يجب قبوله ، ولا يجوز رده مهما كان مصدر، وهذا شيء بين لا يحتاج إلى تدليل .

ثم إنهم لو كانوا صادقين في ذلك الزعم ، لبادروا إلى بيان ذلك للناس ، بضرب أمثلة يظهرون بها جهل هؤلاء الدعاة بالسنة وسوء فهمهم لها ، حتى يعرفهم الناس ويجتنبوهم ولا يغتروا بدعوتهم إلى السنة ! ولكنهم لم يفعلوا شيئاً من ذلك ، ولعلهم لن يفعلوا ، والسبب معلوم لديهم ، وعند أهل العلم من غيرهم !

7- رأي دعاة السنة في المذاهب :

وأما ترك المذاهب كلها ، فعزو هذا إلى الدعاة إلى السنة لا يخلو مما يوهم خلاف ما هم عليه ، ودفعاً لذلك أرى أنه لا بد من بيان رأيهم في المذاهب وموقفهم منها فأقول :

من المعلوم عند العلماء أن المذاهب الأربعة وغيرها ليست آراؤها متفقة في كل الأحكام الشرعية ، بل هي فيها على ثلاثة أقسام :
1- قسم منها متفق عليه ، كتحريم التشبه بالكفار -مثلاً-.
2- وقسم فيه خلاف ، ولكنه اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد، مثل أدعية الاستفتاح والتشهد .
3- وقسم فيه اختلاف شديد لا يمكن الجمع بين الآراء المختلفة فيه بوجه من وجوه الجمع المعروفة لدى العلماء ، مثل : مس الرجل المرأة ونقض الوضوء به ، فإن فيه ثلاثة أقوال مشهورة : النقض ، وعدمه ، والفرق بين أن يكون المس بشهوة فينقض وإلا فلا.

وإذا كان الأمر كما فصلنا ، فكيف يعزو الشيخ للدعاة إلى السنة أنهم " يرون ترك المذاهب كلها " ! مع أن هذا الترك يستلزم الإعراض عما فيها من الحق المسلم به لديهم ؟! أليس هذا من الأدلة الكثيرة على أن الشيخ لا يتحرى الصواب حين يتهم خصومه في الرأي بما هم براء منه ؟

ولعلم أنصار السنة بما سبق من التفصيل يضطرون إلى أن يبحثوا عن الحق في المذاهب كلها ، ليس خارجاً عنها ، ولا في مذهب معين منها ، وهذا البحث قد بين لهم فضل أئمة المذاهب ، وعلمهم ، ودقة فهمهم للكتاب والسنة ، وتنبهوا بسبب ذلك لكثير من دقائق المسائل المستنبطة من الكتاب والسنة ، فاستفادوا بسببهم علوماً كثيرة في أوقات يسيرة ، لولاهم لما وصلوا إليها ، فجزاهم الله عن المسلمين خيراً.

ولهذا فإن أنصار السنة أعرف بفضل الأئمة وعلمهم من أتباعهم الذين يقلدونهم على جهل بطرق الاستنباط والاستدلال ، والله تعالى يقول : ( هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ).

هذا ، ثم إن الدعاة إلى السنة لما تبين لهم بعد البحث في المذاهب أن فيها الخلاف المذكور في القسم الثالث ، لم يجيزوا لأنفسهم أن يتمسكوا بمذهب معين فيها ، لأنهم علموا أن الصواب في الخلاف المذكور ليس محصوراً في مذهب واحد منها ، بل هو مشاع بين جميعها ، فالحق في المسألة الفلانية في المذهب الفلاني ، وفي المسألة الفلانية في المذهب الفلاني وهكذا سائر المسائل ، فلو أنهم تمسكوا فيها بالمذهب لأضاعوا كثيراً من الحق الوارد في المذاهب الأخرى وهذا لا يجوز عند مسلم عارف .

ولما كان لا سبيل لمعرفة الحق مما اختلف فيه الناس إلا بالرجوع إلى السنة على ما بيناه فيما سبق ، جعلها الدعاة إلى السنة الأمل الذي يرجعون إليه ، والأساس الذي يبنون آراءهم وأفكارهم عليه .

هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فإنه لما كان الأئمة قد بذلوا جهوداً مشكورة في سبيل توضيح السنة وتقريبها للناس وبيان الأحكام الممكن استنباطها منها ، فإن الدعاة إلى السنة لا يسعهم إلا الاستفادة من علمهم والاستعانة بآرائهم على فهم الكتاب والسنة ، وبذلك يجمعون بين المحافظة على الأصل ( السنة ) وبين تقدير الأئمة قدرهم اللائق بهم ، وذلك مما وصى به السلف أتباعهم ، فقال عبد الله بن المبارك -رضي الله عنه-: " ليكن الأمر الذي تعتمدون عليه هذا الأثر ، وخذوا من الرأي ما يفسر لكم الحديث "(11) .
ذلك رأي الدعاة إلى السنة في المذاهب ، وذلك موقفهم من أئمتها ، فهل فيه ما يحمل المنصف على الطعن بهم والتنفير منهم ؟ أم ذلك ما ينبغي أن يكون عليه كل مسلم عرف الفرق بين كلام المعصوم وكلام غيره ، ثم لم ينس الفرق بين الغاية والوسيلة ؟

8- التقاء الطنطاوي مع الدعاة إلى السنة في ترك المذهب اتباعاً للسنة:

بعد هذا البيان أستطيع أن أقول : إن موقف الصديق الطنطاوي من المذاهب لا يختلف كثيراً عن موقف دعاة السنة منها ، ذلك لأن الطنطاوي يرى الخروج من المذهب جائزاً ، بدليل إنكاره في مقاله هذا " مشكلة " على من " يرى الإسلام في اتباع مذهب من المذاهب الأربعة والوقوف عندما أفتى به متأخرو فقهائه . . . " ويؤيد هذا قوله في مقدمة كتاب " قانون الأحوال الشخصية " (ص / 6):
" ومن السياسة الشرعية أن يفتح للناس باب الرحمة من الشريعة ، ويؤخذ من غير المذاهب الأربعة ، ما يؤدي إلى جلب مصلحة عامة أو دفع ضرر عام " .

وعلى هذه السياسة جرى حضرة الصديق في " مشروع الأحوال الشخصية " الذي تحدث عنه في المقدمة المذكورة ، فخالف فيه مذهبه الحنفي في مسائل كثيرة ، أكتفي بذكر مسألتين منها على سبيل المثال :
1- قال الشيخ في المقدمة (ص / 5) : " وقد عدل المشروع عن المذهب الحنفي الذي يحدد أقل المهر بعشرة دراهم إلى المذاهب الثلاثة التي لا تجعل لأقله حداً " .
2- ثم قال فيها (ص / 6 - 7): " نص أيضاً ( يعني المشروع ) على وقوع طلقة واحدة بالطلاق المقترن بعدد لفظاً أو إشارة أخذاً بما رواه مسلم في صحيحه من أن طلاق الثلاث كان يقع واحداً على عهد رسول الله (ص) إلخ . . .) وبرأي ابن تيمية ".

والواقع أن حضرة الشيخ الطنطاوي قد وفق للصواب فيما ذهب إليه في هاتين المسألتين ، وقد بين هو في المسألة الأولى خلافه للمذهب الحنفي ، وذهابه إلى المذاهب الثلاثة .

وأما المسألة الأخرى فخلافه فيها أشد لأن أحداً من أئمة المذاهب الأربعة لم يأخذ بحديث مسلم الذي ذكره هو ، وان أخذ به غيرهم من الأئمة .

وما ذهب إليه الشيخ في هاتين المسألتين ، هو مذهب الدعاة إلى السنة ، قبل أن يكتبهما الشيخ في مشروعه بسنين .

وقد رأيت أنه في المسألة الثانية إنما ذهب إلى خلاف الأئمة الأربعة أخذاً بالحديث وبرأي ابن تيمية ، وهذا هو عين ما يصنعه الدعاة إلى السنة ، فإنهم يأخذون بالحديث الصحيح مدعمين فهمهم إياه بتبني بعض الأئمة له كابن تيمية ومن قبله من أئمة الفقه والحديث ، فما بال الشيخ ينكر عليهم هذا وهو معهم فيه فعلاً ؟!

وخلاصة القول : إن الدعاة إلى السنة لا يتركون المذاهب كلها جملة وتفصيلاً ، بل إنهم يحترمونها ويقدرون أئمتها ، ويستعينون بها على فهم الكتاب والسنة ، ثم يتركون من أقوالهم وأرائهم ما تبين أنه على خلاف الكتاب والسنة ، وذلك من تمام إجلالهم واتباعهم ، كما قال أبو الحسنات اللكنوي في " الفوائد البهية في تراجم الحنفية " بعد أن ذكر أن عصام بن يوسف البلخي من أصحاب أبي يوسف ومحمد كان يرفع يديه عند الركوع والرفع منه ، قال أبو الحسنات (ص / 116) : " يعلم منه أن الحنفي لو ترك في مسألة مذهب إمامه لقوة دليل خلافه لا يخرج به عن ربقة التقليد ، بل هو في عين التقليد في صورة ترك التقليد ، ألا ترى إلى أن عصام بن يوسف ترك مذهب أبي حنيفة في عدم الرفع ومع ذلك هو معدود في الحنفية " .

قال : " وإلى الله المشتكى من جهلة زماننا حيث يطعنون على من ترك تقليد إمامه في مسألة واحدة لقوة دليلها ويخرجونه عن جماعة مقلديه ، ولا عجب منهم فإنهم من العوام ، إنما العجب ممن يتشبه بالعلماء ، ويمشي مشيهم كالأنعام. "

2- ثم قال الشيخ الطنطاوي تفريعاً على ما ذكر في الفقرة الأولى من المقال ، عن الدعاة إلى السنة :
" فكل من استطاع أن يقرأ في البخاري ومسلم ومجمع الزوائد وأن يفتش عن اسم الراوي في التقريب والتهذيب ، وجب عليه الاجتهاد وحرم عليه التقليد ".

أقول : في هذه الكلمة ما يوهم أيضاً خلاف ما عليه الدعاة إلى السنة وإليك البيان :

9- تعريف التقليد وبيان ما يحرم منه وما يجب:

من المقرر عند العلماء أن التقليد هو " أخذ القول من غير معرفة دليله " ومعنى ذلك أن التقليد ليس بعلم ، ولذلك جزم العلماء بأن المقلد لا يسمى عالماً(12) ، بل نقل الاتفاق على ذلك ابن عبد البر في " جامع بيان العلم " (2 / 36 ، 117) وابن القيم في " إعلام الموقعين " (3/293) والسيوطي وغيرهم من المحققين ، حتى بالغ بعضهم فقال : " لا فرق بين يهيمة تقلد وإنسان يقلد " ! وأطلق بعض الحنفية عليه اسم الجاهل ! فقال صاحب الهداية في صدد الكلام على تولية المقلد على القضاء : " فأما تقليد الجاهل فصحيح عندنا ، خلافاً للشافعي "(13) .
ولذلك قالوا : إن المقلد لا يجوز له الإفتاء.

فإذا عرف هذا يظهر السبب الذي من أجله حمل السلف على التقيلد والمقلدين وصرحوا بذمه وتحريمه(14) . ذلك لأنه يؤدي بصاحبه إلى الإعراض عن الكتاب والسنة في سبيل التمسك بآراء الأئمة وتقليدهم فيها ، كما هو الواقع بين المقلدين ، مما هو مشهور عنهم ، بل هو ما قرره بعض متأخريهم من الحنفية ، فقال الشيخ محمد الخضري في صدد الكلام عن دور التقليد وأهله :

" . . . ولا يستجيز الواحد منهم لنفسه أن يقول في مسألة من المسائل قولا يخالف ما أفتى به إمامه ، كأن الحق كله نزل على لسان إمامه وقلبه ! حتى قال طليعة فقهاء الحنفية في هذا الدور وامامهم غير منازع وهو أبو الحسن عبيد الله الكرخي : " كل آية تخالف ما عليه أصحابنا فهي مؤولة أو منسوخة ، وكل حديث كذلك فهو مؤول أو منسوخ " وبمثل هذا أحكموا دونهم إرتاج باب الاختيار "(15) .

وقد استولى هذا التوجيه الخاطئ على قلوب كثير من المقلدة، لا سيما في الأزمنة المتأخرة ، بحيث صار من المعروف المشهور ردهم السنن الصحيحة اتباعاً للمذهب فإذا قيل لأحدهم : هذه المسألة التي ذكرتها خلاف السنة ، بادرك بقوله : أأنت أعلم بالسنة من علماء المذهب ؟! لا يجوز العمل بالحديث لغير المجتهد ! هذا جوابهم جميعاً لا فرق في ذلك بين عاميهم وعالمهم !

وهم حين يجيبونك بهذا الجواب الذي لا يمكن أن يصدر ممن عرف قدر حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والأدب معه ، يجهلوم أو يتجاهلون أن الحديث الذي لم يأخذ به مذهبهم قد قال به مذهب آخر أو إمام آخر ليس هو دون مذهبهم أو إمامهم ، فالذي ذهب إلى الحديث يكون قد أخذ به وبالمذهب الذي عمل به ، بينما مخالفه إنما يعمل بالمذهب فقط !

قد يقال : إن المذهب لابد له من دليل ولكنا لا نعلمه ، فنقول :إذا كان الأمر كما تقول فكيف يجوز لمسلم أن يترك الدليل الذي عرفه وهوحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لدليل لا يعلمه ، وقد يكون لو علمناه قياساً أو استنباطاً من عمومات أو كليات الشريعة لا ينهض تجاه الحديث إذ لا اجتهاد في مورد النص ، واذا ورد الأثر بطل النظر ، واذا جاء نهر الله بطل نهر معقل ؟

هذا التقليد الذي هو رد الحديث انتصاراً للمذهب ونحوه هو الذي يحرمه دعاة السنة ، ويدعون المسلمين جميعاً إلى الخلاص منه ، بالرجوع إلى اتباع السنة أينما كانت ، وفي أي مذهب وجدت.

وأما تقليد المسلم من هو أعلم منه حين لا يجد نصاً عن الله ورسوله ، أو حين لا يمكن الفهم عنهما فليس مما نحن فيه ، بل لا يتصور أن يقول بتحريمه مسلم ، لأنه مضطر إليه ، والضرورات تبيح المحظورات ، ولولا ذلك لصار الدين هوى متبعاً -والعياذ بالله تعالى-. ولهذا ذكر العلماء : " إن التقليد إنما يباح للمضطر ، وأما من عدل عن الكتاب والسنة وأقوال الصحابة وعن معرفة الحق بالدليل مع تمكنه منه إلى التقليد ، فهو كمن عدل إلى الميتة مع قدرته على المذكى ، فإن الأصل أن لا يقبل قول الغير إلا بدليل إلا عند الضرورة "(16) .

10- الفرق بين التقليد والاتباع :

ولا يليق بالعاقل البصير في دينه أن يفهم مما سبق من بيان تحريم التقليد ، أن الاجتهاد واجب على كل مسلم مهما كان شأنه في العلم والفهم ، فإنه خطأ بين ، ويظهر أن الشيخ سبق إليه هذا الفهم مما بلغه من تحريم دعاة السنة للتقليد ، فاستلزم من ذلك أنهم يوجبون الاجتهاد على كل مسلم ، مهما كانت منزلته في العلم ، وذلك واضح من كلمته في هذه الفقرة وهو قوله : " وجب عليه الاجتهاد وحرم عليه التقليد " فجعل الاجتهاد مقابل التقليد ! وهذا خطأ بين عندنا ، لأن الذي يقابل التقليد المحرم ، هو الاتباع الواجب على كل مسلم ، وبينهما فرة ظاهر ، قال أبو عبد الله بن خويز منداد البصري المالكي :
" التقليد معناه في الشرع الرجوع إلى قول لا حجة لقائله عليه ، وذلك ممنوع منه في الشريعة ، والاتباع ما يثبت عليه حجة ، وقال في موضع آخر : كل من اتبعت قوله من غير أن يجب عليك قوله لدليل يوجب ذلك فأنت مقلده ، والتقليد في دين الله غير صحيح ، وكل من أوجب عليك الدليل اتباع قوله فأنت متبعه ، والاتباع في الدين مسوغ ، والتقليد ممنوع "(17) .

وأما الاجتهاد فمن المعلوم أنه " بذل الوسع لمعرفة الحكم من كتاب الله وسنة رسوله " ولا شك أنه فرض كفائي لا يجب على كل مسلم ، بل لا يستطيعه إلا القليل منهم ، بل قد ندر المجتهدون اليوم بسبب غلبة التقليد على العلماء والقيود التي وضعوها للمجتهد ، ومن العجائب أن الذين اشترطوا تحقق تلك الشروط في العالم حتى يسوغ له الاجتهاد هم من المقلدة الذين لا يدينون إلا بما قال إمامهم ! فهم في الواقع متناقضون ، يمنعون الاجتهاد ويوجبون التقليد ، ثم هم يجتهدون ولا يقلدون ، وليتهم إذا اجتهدوا أصابوا الحق ولم يخطئوه !
ويطول بنا المقام لو أردنا أن نذكر الأدلة على ذلك ، فأكتفي بمثال واحد يراجع في التعليق(18) .

والذي أراه أن ( الاجتهاد ) ليس عسيراً كما يظن البعض بل هو ميسور لمن كان عنده أهلية الخطاب ، وفهم أدلة ما يحتاجه من أدلة الكتاب والسنة ، وبتعبير آخر إن الذي عنده أهلية لفهم كتب المذاهب وعباراتهم ، سيما ما كان منها للمتأخرين فإنها تشبه الألغاز أحياناً ، يستطيع أن يفهم كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- ، فإنهما بدون ريب أبين وأوضح من كل ما سواها من الكلام ، خصوصاً إذا استعان على ذلك بكتب أهل العلم من التفسير ، وشروح الحديث ، وبمبسوطات الفقه ، التي تتعرض لذكر أدلة المختلفين ، كالمجموع للنووي ، وفتح القدير لابن الهمام ، ونيل الأوطار للشوكاني ونحوها ، ومن أنفعها كتاب " بداية المجتهد ونهاية المقتصد " للعلامة ابن رشد ، فإنه إنما ألفه لإعداد طلاب العلم للوصول إلى رتبة الاجتهاد ، كما صرح بذلك في الكتاب نفسه(19) .

وخلاصة القول : إن الدعاة إلى السنة لا يوجبون الاجتهاد إلا لمن كان عنده أهلية ، وانما يوجبون الاتباع على كل مسلم ، ويحرمون -اتباعاً للسلف- التقليد إلا عند الضرورة وعدم الوقوف على السنة ، فمن نسب إليهم خلاف هذا فقد تعدى وظلم ، ومن طعن فيهم بعد هذا فإنما يطعن في السلف ، وفيهم الأئمة الأربعة وان ادعى أنه سلفي ! إذ ليست السلفية إلا فهم ما كان عليه السلف الصالح ، ثم السير على ذلك ، وعدو الخروج عنه.

ومما سبق يتبين للقارىء الكريم خطأ قول الأستاذ الطنطاوي في تمام الفقرة الرابعة : " وإن المحدثين كالصيادلة والفقهاء كالأطباء ، والصيدلي يحفظ . . . " فإن هذه الكلمة على إطلاقها تجرد المحدثين من صنعة الفقه والفهم لما يحملون من حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-، كما أنها تجرد أيضاً الفقهاء من العلم والاطلاع على حديثه -صلى الله عليه وسلم-، ولا يخفى ما في ذلك من الطعن في الفريقين معاً. وأنا لا أنكر أن يكون في الفقهاء من هو أفقه من بعض المحدثين ، كيف وقد أشار لهذا قوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث المشهور عنه : " نضر الله امرءاً سمع منا حديثاً فحفظه حتى يبلغه غيره ، فإنه رب حامل فقه ليس بفقيه ، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه "(20) ولكن ليس معنى ذلك أنه يسوغ لنا وصف المحدثين إطلاقاً بعدم الفقه ، كما هو ظاهر عبارة الشيخ ، فإن الحديث المذكور صريح في ردها حيث قال : " رب حامل فقه ليس بفقيه . . . " فأشار إلى قلة ذلك في المحدثين ، لأن الأصل في " رب " أنها للتقليل ، وكيف لا يكون الأصل في حق المحدثين ما ذكرناه ، وهم ممن عاهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقوله : " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك "(21) قال ابن المديني : هم أصحاب الحديث ، والذين يتعاهدون مذهب الرسول -صلى الله عليه وسلم- ويذبون عن العلم ، لولاهم لأهلك الناس المعتزلة والرافضة والجهمية وأهل الأرجاء والرأي(22) .

ثم إنما تظهر الفائدة من التفريق بين معرفة الحديث ، وبين استنباط الأحكام منه والتفريق بين المحدث والفقيه في مسألة اختلف فيها الطرفان ودليل كل منهما هو عين دليل الآخر ، وإنما الخلاف في فهمه وتطبيقه ، ففي هذه الصورة يمكن ترجيح رأي الفقيه على رأي المحدث ، وهذا على كل حال بالنسبة للمقلد الذي لا معرفة عنده بطرق الترجيح ! وأما بالنسبة للمتبع فقد يترجح عنده رأي المحدث على رأي الفقيه لأدلة ظهرت له .

وأما إذا كان منشأ الخلاف بين الطرفين إنما هو اختلاف الدليل فأحدها يحتج بالحديث والآخر بالرأي والقياس أو بحديث ضعيف ، فههنا لا تظهر الفائدة من التفريق الذي ذكره الشيخ ، بل تكون النتيجة خلاف ما قصد إليه الشيخ -حفظه الله تعالى-، ولنوضح هذا بمثال: رجل سها فصلى الظهر خمساً ، فالحنفية تقول إن هذه الصلاة باطلة إن لم يكن قعد قدر التشهد وسجد في الخامسة ، وان كان قعد في الرابعة قدر التشهد فقد تمت له الظهر والخامسة تطوع ، وعليه أن يضيف إليها ركعة ثم يتشهد ويسجد سجدتي السهو ، وهذا يخالف مخالفة ظاهرة حديث الشيخين ، عن ابن مسعود قال : صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الظهر خمساً فقيل له أزيد في الصلاة ؟ قال : " وما ذاك " ؟ قال : صليت خمساً ، فسجد سجدتين بعدما سلم فليس في الحديث ما يقوله الحنفية من إضافة الركعة السادسة ، ولا أنه -صلى الله عليه وسلم- جلس للرابعة ، ولهذا ذهب إلى ظاهر الحديث الجمهور فقالوا : من صلى الظهر خمسا يكفيه سجدتا السهو ، ولو لم يقعد في الرابعة .

فههنا نسأل فضيلة الشيخ : هل الفرق الذي ذكرته له تأثير في هذه المسألة وأمثالها ، بمعنى هل يجوز للمحدث الذي نشأ مثلاً على المذهب الحنفي أن يأخذ بهذا الحديث ولو خالف المذهب ، أم تقول : إنه يجب عليه التمسك بالمذهب ولو خالف الحديث بناء على " إن المحدثين كالصيادلة والفقهاء كالأطباء " ؟ فإن قلت بالأول فقد وافقت الدعاة إلى السنة فإنه الميدان الذي يدعون الناس إليه ، وان قلت بالثاني -لا سمح الله- فهو مخالفة للكتاب والسنة ، وخروج عن تقليدك لإمامك الذي أمرك بتقديم حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على قوله ! كما أنه يلزمك أن تصف الجمهور من الأئمة الذين أخذوا بظاهر هذا الحديث بأنهم كالصيادلة ، والذين خالفوه كالأطباء !!

أيها الصديق ، إن الفهم في الدين ليس محصوراً بطائفة دون أخرى ، فلا يلزم من اختصاص البعض في علم الفقه أن يكون مصيباً في كل ما يستنبطه من الشرع كما لا يلزم من اختصاص الآخر في علم الحديث أن يكون مخطئاً في كل ما يستنبطه منه ، فالمرجع إذن هو الدليل ، فمن قام الدليل على إصابته ومعرفته للحق فيما اختلف فيه الناس كان هو الفقيه سواء كان معروفاً بالتخصص في الحديث أو الفقه ، ولذلك كان الأحرى بك أن ترد على أنصار السنة في بعض المسائل التي تراهم أخطأوا فيها الحق على ما تقتضيه الأدلة الشرعية لا حسبما يلزم من المذهبية الضيقة ، إنك لو قبلت ذلك لظهر للناس أي الفريقين أهدى سبيلا ، ولساعد ذلك المسلمين على السير في هذا المنهج العلمي الجديد ، الذي يعين على كشف الحقائق ، وتقريب وجهة الخلاف بين المسلمين ما استمروا فيه.

4- ثم قال الشيخ :
" وإن الصحابة أنفسهم لم يكن فيهم إلا مئة ممن يفتي ، وإن مئة الألف من المسلمين الذين توفي عنهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- كانوا يرجعون إلى هذه المئة ولا يجتهدون لأنفسهم " .
قلت : وهذه هفوة من الشيخ -حفظه الله- ، فمن أين له أنه لم يكن في الصحابة إلا هذا العدد من المفتين ؟! ونحن نقطع بأنهم كانوا أكثر من ذلك بكثير لأنه اللائق بفضلهم وصحبتهم للنبي -صلى الله عليه وسلم- وإن كنا لا نستطيع أن نعين عددهم إلا أنه قد نص من قوله حجة في هذا الموضوع على عدد أكثر مما ذكره الشيخ ، بل جزم بأن كل من تشرف بصحبته -صلى الله عليه وسلم- والتلقي من علمه أفتى الناس ، فقال الإمام ابن حزم(23) : " وكل من لقي النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخذ عنه أفتى أهله وجيرانه وقومه ، وهذا أمر يعلم ضرورة ، ثم لم ترو الفتيا في العبادات والأحكام إلا عن مائة ونيف وثلاثين منهم "(24) .

(1) مقال للشيخ الألباني نشر في مجلة المسلمون (5/ 172 – 176، و 280-285، و 463-470، و 913-916).
(2) قال الشيخ محمد الخضري -رحمه الله- بعد أن تكلم عن التشريع في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- ، ثم في عهد الصحابة ، ثم في عهد التابعين ، إلى منتصف القرن الرابع :
" الدور الخامس وهو دور القيام على المذاهب وتأييدها . . .
لا شك أنه كان في كل دور من الأدوار السابقة مجتهدون ومقلدون ، فالمجتهدون هم الفقهاء الذين يدرسون الكتاب والسنة ، ويكون عندهم من المقدرة ما يستنبطون به الأحكام من ظواهر النصوص أو من منقولها ، والمقلدون هم العامة الذين لم يشتغلوا بدراسة الكتاب والسنة دراسة تؤهلهم إلى الاستنباط ، أما في هذا الدور فإن روح التقليد سرت سرياناً عاماً واشترك فيها العلماء وغيرهم من الجمهور ، فبعد أن كان مريد الفقه يشتغل أولأ بدراسة الكتاب ورواية السنة اللذين هما أساس الاستنباط ، صار في هذا الدور يتلقى كتب إمام معين ، ويدرس طريقته التي استنبط بها ما دونه من الأحكام ، فإذا أتم ذلك صار من العلماء الفقهاء " .
فلت : ومما لا شك فيه عند غير المتعصب أن هذه الطريقة السلفية هي وحدها الكفيلة بإخراج العلماء الفقهاء حقيقة ، كيف لا ، والإمام مالك يقول : " لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها ".
(3) كان بشار يهجو الناس وهو صبي فيشكونه إلى أبيه فيضربه ، فلما طال ذلك عليه قال لأبيه : قل لهم إن ابني هذا أعمى ، والله يقول ( ليس على الأعمى حرج ) فقالوا : فقه برد أشد علينا من شعر بشار . " طنطاوي ".
(4) رواه الحاكم في المستدرك (93)، وابن عبد البر في "جامع العلم" (2/24).
(5) "ابن عبد البر" (2 - 32).
(6) "ابن عبد البر" (2 - 34، 35).
(7) "إعلام الموقعين" (1 - 75، 77).
(8) "ابن عبد البر" (2 - 149).
(9) "إعلام الموقعين" (2 - 410).
(10) ولهذا قال سليمان التميمي ( من ثقات اتباع التابعين ومفتيهم ) : ( إن أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله ) رواه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" ( 2 / 91 ، 92 ) ثم قال هذا : ( هذا إجماع لا أعلم فيه خلافاً ).
(11) ابن عبد البر ( 2 / 34، 35 ).
(12) انظر "الموافقات" للإمام الشاطبي ( 4 / 293 ) ، و " الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم " للمحقق محمد بن إبراهيم الوزير اليماني ( 1 / 36 - 38).
(13) ومع الشافعي في هذا جمهور العلماء كمالك وأحمد ، قال ابن الهمام في " شرح الهداية " (5/456): " وقولهم رواية عن علمائنا نص محمد في الأصل أن المقلد لا يجوز أن يكون قاضياً، ولكن المختار خلافه " كذا قال وأنا أتساءل : هل الذي اختار خلاف ما عليه الأئمة المجتهدون مجتهد أم مقلد ؟ فإ كان مجتهداً فمن هو وما دليله ؟ وإن كان مقلداً فكيف جاز له أن يترك تقليد الأئمة وهو خلاف مذهبه؟ ثم قال ان الهمام : " واعلم أن ما ذكر في القاضي ذكر في المفتي فلا يفتي إلا المجتهد وقد استقر رأي الأصوليين على أن المفتي هو المجتهد ، وأما غير المجتهد ممن حفظ أقوال المجتهد فليس بمفت " !
(14) وقد عقد الحافظ ابن عبد البر باباً خاصاً بين فيه فساد التقليد وبطلانه، والفرق بين التقليد والاتباع ، وقد كنت أود نقله لولا أنني رأيت المقال يطول فمن شاء فليراجعه في " جامع بيان العلم " (2 / 109 – 120) ، ولابن القيم في ذلك كلام في غاية التحقيق في "الإعلام" .
(15) تاريخ التشريع الإسلامي (338).
(16) إعلام الموقعين (2 / 344).
(17) ابن عبد البر في " جامع بيان العلم " (2 / 117 ) ، وابن القيم في " الإعلام " (3 / 299).
(18) قال الخضري في تاريخ التشريع الإسلامي (ص 358-359): " أما في هذا الدور الذي سرت فيه روح التقليد ، فقد جرهم ذلك إلى الدفاع عن مسائل أئمتهم كما قلنا ، وطلب منهم الأمراء أن يجولوا أمامهم في ميدان المناظرة ، فجرهم ذلك الى ما سخطه الامام الغزالي ، والى تعصب كل فريق لما يدافع ويجادل عنه ، واعتداده خصماً كما يعبر بذلك عنه. ونزل فريق منهم الى العداء وتبعهم في ذلك العامة ، وكاد يصل به الأمر إلى تحريم أن يقتدي أحد في الصلاة بمخالفه في المذهب اعتماداً على قاعدة لا ندري متى وجدت وهي أن العبرة في الاقتداء بمذهب المأموم لا بمذهب الإمام ، ومن المعلوم أن كثيراً من صلاة الشافعية لا تصح في نظر الحنفي ، فإن الشافعي لا يتوضأ من خروج الدم من جسمه لأن ذلك لا ينقض الوضوء عند إمامه ، وكذلك الحنفي لا يتوضأ من مس امرأة أجنبية لأن هذا لا ينقض الوضوء عنده ، وبذلك وأمثاله يوجد الشك في قلب المأموم إذا اقتدى بمخالفه في المذهب ، ولا ندري كيف قالوا ذلك مع تسامح الأئمة في الاجتهاد ، والخلاف ، واعتبار أن ما أدى اليه اجتهاد المجتهد واجب أن يعمل به في حقه ، ولا يجوز أن يتعداه إلى غيره ، فمقتضى تلك النظرية أني أعتبر صلاة كل مجتهد صحيحة ، ويخرج من ذلك أن العبرة في الاقتداء بمذهب الإمام لا بمذهب المأموم ، ولكن التعصبات المذهبية أرادت أن تؤكد الفصل بين الجماعات ".
(19) قال ابن رشد (2 / 160 - 161) : " فإن هذا الكتاب إنما وضعناه ليبلغ به المجتهد في هذه الصناعة رتبة الاجتهاد إذا حصل ما يجب له أن يحصل قبله من القدر الكافي له في علم النحو واللغة وصناعة أصول الفقه ، ويكفي من ذلك ما هو مساو لجرم هذا الكتاب أو أقل ، وبهذه الرتبة يسمى فقيهاً لا بحفظ مسائل الفقه ولو بلغت في العدد أقصى ما يمكن أن يحفظه انسان كما نجد متفقهة زماننا ، يظنون أن الأفقه هو الذي حفظ مسائل أكثر ، وهؤلاء عرض لهم شبيه ما يعرض لمن ظن أن الخفاف هو الذي عنده خفاف كثيرة لا الذي يقدر على عملها ! ومن البين أن الذي عنده خفاف كثيرة سيأتيه انسان بقدم لا يجد في خفافه ما يصلح لقدمه فيلجأ الى صانع الخفاف ضرورة ، وهو الذي يصنع لكل قدم خفاً يوافقه ، فهذا هو مثال أكثر المتفقهة في هذا الوقت ". قلت : فليتأمل في كلام هذا الفقيه الذين يخصون المشتغل بحفظ المسائل الفقهية بالسؤال عن أمور دينهم بدعوى أنه فقيه !
(20) رواه أحمد (5 / 183) والدرامي ( 1 / 75) وغيرهما، عن زيد بن ثابت ، بسند صحيح.
(21) رواه مسلم (6 / 52 – 53) عن ثوبان ، والبخاري عن معاوية ، وروى الحاكم في " معرفة علوم الحديث " (ص 2) بإسناد صحيح كما قال الحافظ في الفتح (13 / 250) عن الإمام أحمد أنه قال في معنى هذا الحديث : " إن لم تكن هذه الطائفة المنصورة أصحاب الحديث فلا أدري من هم " وروى الترمذي وغيره عن ابن المديني قال : " هم أصحاب الحديث "، وبه جزم البخاري كما في الفتح (1 / 134).
(22) رواه نصر المقدسي في " الحجة على تارك المحجة " كما في " مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة " للسيوطي (ص/ 48).
(23) الأحكام في أصول الأحكام 5 / 91 – 92.
(24) وأقره على هذا العدد المحقق ابن القيم في " إعلام الموقعين "، وقد سرد فيه أسماء هؤلاء المحققين من الصحابة فليراجعها من شاء. 

الجمعة، 6 أبريل 2012

قصة الأمريكي الذي رأى مكة فى المنام


الأربعاء، 21 مارس 2012

الفجر الصادق والفجر الكاذب


            إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ،من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله  .
          أما بعد ؛ فبمنة من الله وفضله ، كتبت هذه الرسالة المختصرة في الفرق بين الفجر الصادق والفجر الكاذب راجيا من سبحانه وتعالى أن يتقبلها خالصة لوجهه الكريم.


       نقطة البداية تكون حديث أنس رضي الله عنه قال : " سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن وقت صلاة الغداة ? فصلى حين طلع الفجر , ثم أسفر بعد , ثم قال : أين السائل عن وقت صلاة الغداة ? " ما بين هذين وقت  " . 
        قال الشيخ الألباني : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين و هو من أدلة القائلين بأن الوقت الأفضل لصلاة الفجر إنما هو الغلس و عليه جرى الرسول صلى الله عليه وسلم طيلة حياته كما ثبت في الأحاديث الصحيحة و إنما يستحب الخروج منها في الإسفار و هو المراد بقوله صلى الله عليه وسلم : " أسفروا بالفجر , فإنه أعظم للأجر " . و هو حديث صحيح أخرجه البزار و غيره عن أنس , و عاصم بن عمر بن قتادة عن جده و هو في " السنن " و غيرها من حديث رافع بن خديج , و هو مخرج في " المشكاة " ( 614 ) و في " الإرواء " ( 258 ).
           اعلم ،رحمك الله ، أن تبين طلوع الفجر الصادق يكون بثلاث طرق :
1> الطريقة الأولى : تبين بياض النهار من سواد الليل وهذا هو الوارد في قوله تعالى : " وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر " وقول رسوله صلى الله عليه وسلم : " إنما ذلك بياض النهار وسواد الليل " حديث متفق عليه.
لكن يصعب ذلك ، وعليه نعتمد على التفسير الآتي :
إنه البياض الذي يظهر في الأفق ويكون ما فوقه سواد داكن ، وهذا يوافق الأحاديث التي سنذكرها في هذا الشأن .
2> الطريقة الثانية : وهي ظاهر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يمنعكم من سحوركم أذان بلال ولا الفجر المستطيل ولكن الفجر المستطير في الأفق " رواه الترمذي وقال "حديث حسن" وصححه الألباني في إرواء الغليل .
فدل هذا الحديث على إحدى علامات الفجر الصادق ألا وهي البياض المستطير الملتصق بالأفق عرضا  وليس البياض المستطيل الصاعد في السماء كذنب السرحان فهذا فجر كاذب وهذا ما اشار إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث جابر رضي الله عنه " الفجر فجران ؛ فأما الفجر الذي يكون كذنب السرحان  ؛ فلا يحل الصلاة ولا يحرم الطعام ، وأما الفجر الذي يذهب مستطيلا في الأفق ؛ فإنه يحل الصلاة ويحرم الطعام " حديث صححه الألباني في صحيح الجامع .
3> الطريقة الثالثة : وهي معرفة أمارات خارجة عن بياض الأفق المذكور ، وقد تم ذكرها في عدة أحاديث من بينها حديث عائشة رضي الله عنها قالت : " لقد كان نساء من المؤمنات يشهدن الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم متلفعات بمروطهن ، ثم ينقلبن إلى بيوتهن وما يعرفن من تغليس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة "صحيح أبي داود . 
والذي يبدو للباحث أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان ينصرف من صلاة الفجر في الغلس دائما ، بل كان ينوع ، وهو ما ذكر في أحاديث أخر تدل على أنه كان ينصرف حين تتميز الوجوه وتتعارف ، منها حديث أبي برزة الأسلمي قال :" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصرف من الصبح فينظر الرجل إلى وجه جليسه الذي يعرف فيعرفه " صحيح أبي داود ، وحديث أنس بن مالك " أسفروا بالفجر ؛ فإنه أعظم للأجر " أخرجه البزار وهو حديث صحيح .
ولمزيد من التوضيح نذكر الخلاصة التي ذكرها الشيخ ابن عثيمين في الفرق بينهما ، فقال رحمه الله :
"وذكر العلماء أن بينه - أي : الفجر الكاذب - وبين الثاني ثلاثة فروق:
الفرق الأول :       أن الفجر الأول ممتد لا معترض ، أي : ممتد طولاً من الشرق إلى الغرب ، والثاني : معترض من الشمال إلى الجنوب .
الفرق الثاني :      أن الفجر الأول يظلم ، أي : يكون هذا النور لمدة قصيرة ثم يظلم ، والفجر الثاني : لا يظلم بل يزداد نوراً وإضاءة .
الفرق الثالث :     أن الفجر الثاني متصل بالأفق ليس بينه وبين الأفق ظلمة ، والفجر الأول منقطع عن الأفق بينه وبين الأفق ظلمة .
وهل يترتب على الفجر الأول شيء ؟ لا يترتب عليه شيء من الأمور الشرعيَّة أبداً ، لا إمساك في صوم ، ولا حل صلاة فجر ، فالأحكام مرتبة على الفجر الثاني" انتهى .
" الشرح الممتع " ( 2 / 107 ، 108 )

وهذه إجابة للشيخ الألباني حين سأله أبو إسحاق الحويني عن الفجر الصادق :





               وبهذا يتبين ، إن شاء الله تعالى ، الفرق بين الفجر الصادق والفجر الكاذب
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .


الثلاثاء، 20 مارس 2012

تعليم الصلاة - أبو هاجر (تشلحيت)


تعليم الطهارة - أبو هاجر (تشلحيت)


الأحد، 18 مارس 2012

نصيحة من القلب لأتباع المبتدع عبد السلام ياسين


نصيحة من القلب لأتباع عبد السلام ياسين

كتب الرد على المبتدع الضال عبد السلام ياسين شيخ جماعة العدل والإحسان

لتحميل هذه الكتب انقر على هذا الرابط :



موقف أهل السنة والجماعة من أهل البدع والأهواء

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد.
فإن من أعظم الشرور التي انتشرت في الأمة، وتفاقم أمرها، والتبست على كثير من الناس: البدع المضلة، ففيها الاستدراك على الله، وادعاء عدم كمال الدين،فكان]في كل خطبة يحذر منها فيقـول: (( وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار)).
وقال[: سيكون في آخر أمتي ناس يحدثونكم بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم، فإياكم وإياهم)). [ مسلم ( 1/12 )] 
وقال عن المدينة: (( من أحدث فيها حدثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنة اللَّه والملائكة والناس أجمعين)). [ مسلم: رقم 1366]
فهجر أهل البدع ومنابذتهم من أعظم أصول الدين التي تحفظ على المسلم دينه وتقيه شر مهالك البدع والضلالات. كيف لا، وقد أوضح الله تعالى هذا الأصل العظيم حيث قال: ﴿وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعـرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره، وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين﴾.
قال ابن عون: كان محمد بن سيرين - رحمه الله تعالى–يرى أن أسرع الناس ردة أهل الأهواء، وكان يرى أن هذه الآية أُنزلت فيهم: ﴿وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم﴾. [الإبانة لابن بطة ( 2/431 )]
والآثـار عن السلف في التحذير من البدع وأهلها كثيرة جداً، فسيرتهم مليئة بهجر أهل البدع، وإخزائهم، وإذلالهم. 
فهذا ابن عمر رضي الله عنه حين سئل عن القدرية قال: فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم وأنهم برآء مني. [رواه مسلم ( 8 )]
وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: لا تجالس أهل الأهواء فإن مجالستهم ممرضة للقلوب. [الإبانة ( 2/438 )]
وقال الإمام الأوزاعي: اتقوا الله معشر المسلمين، واقبلوا نصح الناصحين، وعظة الواعظين، واعلموا أن هذا العلم دين فانظروا ما تصنعون وعمن تأخذون وبمن تقتدون ومن على دينكم تأمنون؛ فإن أهل البدع كلهم مبطلون أفّاكون آثمون لا يرعوون ولا ينظرون ولا يتقون. إلى أن قال: فكونوا لهم حذرين متهمين رافضين مجانبين، فإن علماءكم الأولين ومن صلح من المتأخرين كذلك كانوا يفعلون ويأمرون. [تاريخ دمشق ( 6/362 )]

وقال الفضيل بن عياض (ت: 187) : إن لله ملائكة يطلبون حلق الذكر، فانظر مع من يكون مجلسك، لا يكون مع صاحب بدعة؛ فإن الله تعالى لا ينظر إليهم،وعلامة النفاق أن يقوم الرجل ويقعد مع صاحب بدعة،وأدركت خيار الناس كلهم أصحاب سنة وهم ينهون عن أصحاب البدعة. [حلية الأولياء ( 8/104 )]
قلت: والفضيل بن عياض - رحمه الله - له كلام كثير نفيس في ذم أهل البدع والتحذير منهم، فمن ذلك:
قوله: لا تجلس مع صاحب بدعة، فإني أخاف أن تنـزل عليك اللعنة.
وقال: من أحب صاحب بدعة أحبط الله عمله وأخرج نور الإسلام من قلبه.
وقال: آكل مع يهودي ونصراني ولا آكل مع مبتدع وأحب أن يكون بيني وبين صاحب بدعة حصن من حديد. [الإبانة لابن بطة (2/460 )]
قال رجل لأيوب السختياني: يا أبا بكر أسألك عن كلمة. قال: فرأيته يشير بيده ويقول: ولا نصف كلمة ولا نصف كلمة. [الإبانة ( 2/472)]
وعن ابن سيرين أنّه كان إذا سمع كلمة من صاحب بدعة وضع إصبعيه في أذنيه ثم قال: لا يحل لي أن أكلمه حتى يقوم من مجلسه.[الإبانة ( 2/473 )]
وقال رجلاً لابن سيرين: إن فلاناً يريد أن يأتيك ولا يتكلم بشيء.
قال: قل لفلان: لا، ما يأتي، فإن قلب ابن آدم ضعيف، وإني أخاف أن أسمع من كلمة فلا يرجع قلبي إلى ما كان.[الإبانة (2/446)]
وقال معمر: كان ابن طاووس جالساً فجاء رجل من المعتزلة فجعل يتكلم، قال فأدخل ابن طاووس إصبعيه في أذنيه، وقال لابنه: أي بني أدخل أصبعيك في أذنيك واشدد، ولا تسمع من كلامه شيئاً. [الإبانة ( 2/446)]
وقال يحيى بن أبي كثير: إذا لقيت صاحب بدعة في طريق فخذ في طريق آخر. [الإبانة ( 2/475 )]
وقال ابن المبارك: صاحب البدعة على وجهه الظلمة وإن ادّهن كل يوم ثلاثين مرة. [اللالكائي: 284]
قال: إن الله احتجز التوبة عن صاحب كل بدعة.[السلسلة الصحيحة: 1620]
وقال الإمام أحمد: قبور أهل السنة من أهل الكبائر روضة، وقبور أهل البدعة من الزهاد حفرة؛ فساق أهل السنة أولياء، وزهاد أهل البدعة أعداء الله. [طبقات الحنابلة (1/184)]
وقال أيضاً: أهل البدع ما ينبغي لأحد أن يجالسهم ولا يخالطهم ولا يأنس بهم. [الإبانة ( 2/475)]
وجاء الإمامَ أحمد رجلٌ، فقال: أنا من أهل الموصل، والغالب على أهل بلدنا الجهمية، وفيهم أهل سنة نفر يسير يحبونك، وقد وقعت مسألة الكرابيسي. قال الإمام أحمد: "إياك إياك وهذا الكرابيسي، لا تكلمه، ولا تكلم من يكلمه" أربع مرات، أو خمس مرات. [تاريخ بغداد (8/65)]
وقال مفضل بن مهلهل: لو كان صاحب البدعة إذا جلست إليه يحدثك ببدعته حذرته وفررت منه، ولكنه يحدثك بأحاديث السنّة في بدو مجلسه ثم يدخل عليـك بدعته فلعلها تلزم قلبك فمتى تخرج من قلبك.[الإبانة (2/444 )]
قال الإمام ابن بطة العكبري: ومن السنة مجانبة كل من اعتقد شيئاً مما ذكرناه [أي: من البدع]، وهجرانه، والمقت له،وهجران من والاه، ونصره، وذب عنه، وصاحبه، وإن كان الفاعل لذلك يظهر السنّة. [ والإبانة ( ص 282 )]
رحم الله الإمام ابن بطة، فعن علم تكلم، وبحكمة نطق، فبعد أن بين أن هجر أهل الأهواء والبدع ومقتهم من أصول السنة،نبّه على أن من ناصر أهل البدع ووالاهم وذب عنهم، وصاحبهم، وإن كان يظهر السلفيّة، فإنه يلحق بهم، ويأخذ حكمهم، ويعامل معاملتهم في الهجر وغيره.
وقـد بين ذلك ووضحه عدد من الأئمة، ومستندهم في ذلك ما جاء في حديث عائشةـ رضي الله عنها –قالت: قال رسول)) : الأرواح جنود مجنّدة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف)). [البخاري ( 3336 )]
قال ابن مسعود رضي الله عنه :إنما يماشي الرجل، ويصاحب من يحبه ومن هو مثله. [الإبانة ( 2/476 )]
وقال الأوزاعي : من ستر علينا بدعته لم تَخْفَ علينا أُلفته " [الإبانة ( 2/479]
وعن عقبة بن علقمة قال: " كنت عند أرطاة بن المنذر فقال بعض أهل المجلس: ما تقولون في الرجل يجالس أهل السنّة ويخالطهم، فإذا ذكر أهل البدع قال: دعونا من ذكرهم لا تذكروهم، قال أرطأة: هو منهم لا يلبّس عليكم أمره، قال: فأنكرت ذلك من قول أرطاة قال: فقدمت على الأوزاعي،وكان كشّافاً لهذه الأشياء إذا بلغته، فقال: صدق أرطأة والقول ما قال؛هذا يَنهى عن ذكرهم، ومتى يحذروا إذا لم يُشد بذكرهم " [تاريخ دمشق ( 8/15 )]
وقال محمد بن عبيد الغلابي:" يتكاتم أهل الأهواء كل شيء إلا التآلف والصحبة" [الإبانة ( 2/479]
وقال أحمد: إذا سلّم الرجل على المبتدع فهو يحبه. [طبقات الحنابلة ( 1/196)]
قال الأعمش: كانوا لا يسألون عن الرجل بعد ثلاث: ممشاه ومدخله وألفه من الناس. [الإبانة (2/476)]


وقدم موسى بن عقبة الصوري بغداد، فذُكِر للإمام أحمد بن حنبل فقال: أنظروا على من ينزل وإلى من يأوي. [الإبانة (2/479)]
وقال أبو داود السجستاني: قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: أرى رجلاً من أهـل البيت مع رجل من أهل البدع، أترك كلامه؟ قال: لا، أو تُعْلِمه أن الذي رأيته معه صاحب بدعة، فإن ترك كلامه وإلا فألحقه به، قال ابن مسعود: المرء بخدنه".( 1 ) [طبقات الحنابلة ( 1/160 )]
قال الفضيل بن عياض: من عظّم صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام، ومن تبسم في وجه مبتدع فقد استخف بما أنزل اللهتعالى على محمدصلى الله عليه وسلم، ومن زوّج كريمته من مبتدع فقد قطـع رحمهـا، ومن تبع جنازة مبتدع لم يزل في سخط الله حتى يرجع. [شرح السنّة للبربهاري ( ص : 139 )]
قال الشاطبي: " فإن توقير صاحب البدعة مظنّة لمفسدتين تعودان على الإسلام بالهدم:
إحداهما: التفاتالجهال والعامة إلى ذلك التوقير، فيعتقدون في المبتدع أنّه أفضل الناس،وأن ما هو عليه خير مما عليه غيره، فيؤدي ذلك إلى اتباعه على بدعته دوناتباع أهل السنّة على سنّتهم.
والثانية: أنّهإذا وُقِّرَ من أجل بدعته صار ذلك كالحادي المحرض له على إنشاء الابتداع في كل شيء. وعلى كل حال فتحيا البدع وتموت السنن، وهو هدم الإسلام بعينه. [الاعتصام للشاطبي ( 1/114 )]
وقال الفضيل بن عياض: " الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكـر منها اختلف، ولا يمكن أن يكون صاحب سنة يمالئ صاحب بدعة إلا من النفاق".
قال ابن بطة–معلقاً على قول الفضيل - : "صدق الفضيل - رحمه الله–فإنا نرى ذلك عياناً". [الإبانة لابن بطة ( 2/456)]
قال ابن عون:الذي يجالس أهل البدع أشد علينا من أهل البدع. [الإبانة (2/273)]
وقال عتبة الغلام : من لم يكن معنا فهو علينا.[الإبانة (2/437)]
ولما قدم سفيان الثوري البصرةَ، جعل ينظر إلى أمر الربيع–يعني ابن صبيح–وقدره عند الناس،سأل أي شيء مذهبه؟
قالوا: ما مذهبه إلا السنة. 
قال: من بطانته؟. 
قالوا: أهل القدر. 
قال: هو قدري. [الإبانة ( 2/453)]
وقال الإمام البربهاري: وإذا رأيت الرجل جالساً مع رجل من أهل الأهواء فحذّره وعرّفه، فإن جلس معه بعد ما علم فاتقه؛ فإنه صاحب هوى.[شرح السنة (ص: 121)]


وقال ابن تيميّة فيمن يوالي الاتحادية وهي قاعدة عامة في جميع أهل البدع: 
" ويجب عقوبـة كل من انتسـب إليهم، أو ذب عنهم، أو أثنى عليهم أو عظم كتبهم، أو عرف بمساندتهم ومعاونتهـم، أو كره الكلام فيهم، أو أخذ يعتذر لهم بأن هذا الكلام لا يدرى ما هـو، أو من قال إنه صنف هذا الكتاب،وأمثال هذه المعاذير، التي لا يقولها إلا جاهل، أو منافق؛ بل تجب عقوبة كلمن عرف حالهم، ولم يعاون على القيام عليهم، فإن القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات؛ لأنهم أفسدوا العقول والأديان، على خلق من المشايخ والعلماء،والملوك والأمراء، وهم يسعون في الأرض فساداً، ويصدون عن سبيل الله. " [مجموع الفتاوى ( 2/132 )]
وقد سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز في شرحه لكتاب: "فضل الإسلام"، ما نصّه: الذي يثني على أهل البدع ويمدحهم، هل يأخذ حكمهم؟
فأجاب –عفا الله عنه -: " نعم ما فيه شكٌّ، من أثنى عليهم ومـدحهم هو داعٍ لهم، يدعو لهم، هذا من دعاتهم، نسأل الله العافيـة".
بل كان السلف الصالح -رضي الله عنهم ورحمهم- إذا رأوا الشاب في أول أمره مع أهل السنة رجوه، وإن رأوه مع أهل البدع أيسوا من خيره.
قال الإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله - : إذا رأيت الشاب أول ما ينشأ مع أهل السنة والجماعة فارجه، وإذا رأيته مع أصحاب البدع فايئس منه؛ فإن الشاب على أول نشوئه. [الآداب الشرعية ( 3/77)]
وقال عمرو بن قيس الملائي: إن الشاب لينشؤ فإن آثر أن يجالس أهل العلم كاد أن يسلم وإن مال إلى غيرهم كاد أن يعطب. [الإبانة ( 2/481-482 )]
قال أرطأة بن المنذر: لأن يكون ابني فاسقاً من الفساق أحب إليّ من أن يكون صاحب هوى.[الإبانة (2/446)]
قال الإمام أحمد: لا غيبة لأصحاب البدع. [طبقات الحنابلة ( 2/274)]
قال الإمام ابن أبي زمنين–رحمه الله-: ولم يـزل أهل السنة يعيبون أهل الأهواء المضلة، وينهون عـن مجالستهم، ويخوفون فتنتهم، ويخبرون بخلاقهم،ولا يرون ذلك غيبـة لـهم، ولا طعناً عليهم. [أصول السنة ( ص: 293 )]
عن سفيان بن عيينة قال: قال شعبة: تعالوا نغتاب في الله عز وجل.
قال الفضيل: من دخل على صاحب بدعة فليست له حرمة. [اللالكائي (2/140)]



وقال أبو صالح الفراء: حكيت ليوسف بن أسباط عن وكيع شيئاً من أمر الفتن فقال: ذاك يشبه أستاذه - يعني: الحسن بن حي-، فقلت ليوسف: ما تخاف أن تكون هذه غيبة؟ فقال: لم يا أحمق أنا خير لهؤلاء من آبائهم وأمهاتهم أنا أنهى الناس أن يعملوا بما أحدثوا فتتبعهم أوزارهم ومن أطراهم كان أضر عليهم.[السير ( 7/364 )]
قال بشر الحارث: كان زائدة يجلس في المسجد يحذر الناس من ابن حي وأصحابه.قال الذهبي في ابن حي: مع جلالته وإمامته كان فيه خارجية. [تذكرة الحفاظ (1/216)] 
ودخل سفيان الثوري المسجد فإذا الحسن ابن حي يصلي، فقال: نعوذ بالله من خشوع النفاق، وأخذ نعليه وتحول. [ التهذيب (2/249)]
قال أبي قلابة: إن أهل الأهواء أهل الضلالة ولا أرى مصيرهم إلا النار، فجربهم فليس أحد منهم ينتحل قولاً – أو حديثاً – فيتناهى به الأمر دون السيف... وإن اختلف قولهم اجتمعوا في السيف. 2) [تعالى ] [][الدارمي (1/58)]
قال أيوب: وكان – أبو قلابة – والله من الفقهاء الألباء.
قال سعيد بن عنبسة: ما ابتدع رجل بدعة إلا غلّ صدره على المسلمين واختلجت منه الأمانة. [الإبانة (2/256)]
كان السلف الصالح يعدون الشدة على أهل البدع من المناقب والممادح ، فكم من إمام قيل في ترجمته: كان شديداً على أهل والبدع. وما كان باعثهم على هذه الشدّة إلا الغيرة والحميّة لهذا الدين، والنصيحة لله.
قال ابن الجوزي عن الإمام أحمد: وقد كان الإمام أحمد بن حنبل لشدة تمسكه بالسنّة ونهيه عن البدعة يتكلم في جماعة من الأخيار إذا صدر منهم ما يخالف السنّة، وكلامه ذلك محمول على النصيحة للدين.[مناقب الإمام أحمد: 253]
فـمـن ذلك:
قال علي بن أبي خالد: قلت لأحمد بن حنبل: إنّ هذا الشيخ–لشيخ حضر معنا–هو جاري، وقد نهيته عن رجل، ويحب أن يسمع قولك فيه: حارث القصير–يعني حارثاً المحاسبي–وكنت رأيتني معه منذ سنين كثيرة، فقلت لي: لا تجالسه، فما تقول فيه؟
فرأيت أحمد قد احمرّ لونه، وانتفخت أوداجه وعيناه، وما رأيته هكذا قط، ثم جعل ينتفض، ويقول: 
ذاك؟فعل الله به وفعل، ليس يعرف ذاك إلا من خَبَره وعرفه، أوّيه، أوّيه،أوّيه، ذاك لا يعرفـه إلا من قد خبره وعرفه، ذاك جالسه المغازلي ويعقوب وفلان، فأخرجهم إلى رأي جهم، هلكوا بسببه،

فق الله الشيخ: يا أبا عبـد الله، يروي الحديث، ساكنٌ خاشعٌ، من قصته ومن قصته؟

فغضب أبو عبد الله، وجعل يقول: 

لا يغرّك خشوعه ولِينه، ويقول: لا تغتر بتنكيس رأسه، فإنه رجل سـوء ذاك لا يعرفه إلا مـن خبره، لا تكلمه، ولا كرامة له، كل من حدّث بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان مبتدعاً تجلس إليه؟! لا، ولا كرامة ولا نُعْمَى عين، وجعل يقول: ذاك، ذاك. [طبقات الحنابلة ( 1/234)]
وقال صالح بن أحمد: جاء الحزامي إلى أبي وقد كان ذهب إلى ابن أبي دؤاد، فلما خرج إليه ورآه، أغلق الباب في وجهه ودخل. [مناقب أحمد لابن الجوزي ( ص : 250 )]
وقدم داود الأصبهاني الظاهري بغداد وكان بينه وبين صالح بن أحمد حسن، فكلم صالحاً أن يتلطف له في الاستئذان على أبيه، فأتى صالح أباه فقال له: رجل سألني أن يأتيك. 
قال: ما اسمه؟. 
قال: داود. 
قال: من أين؟
قال: من أهل أصبهان،
قال: أيّ شيء صنعته؟
قال وكان صالح يروغ عن تعريفه إيَّاه، فما زال أبو عبد الله يفحص عنه حتى فطن
فقال: هذا قد كتب إليّ محمد بن يحيى النيسابوري في أمره أنه زعم أن القرآن محدث فلا يقربني. 
قال: يا أبت ينتفي من هذا وينكره،
فقال أبو عبد الله: محمد بن يحيى أصدق منه، لا تأذن له في المصير إليَّ. [تاريخ بغداد ( 8/374 )]
وقال أبو توبة: حدثنا أصحابنا أن ثوراً لقي الأوزاعي فمد يده إليه، فأبى الأوزاعي أن يمد يده إليه، وقال: يا ثور لو كانت الدنيا لكانت المقاربة ولكنه الدين. [السير(11/344)].
قال الإمام أحمد بن حنبل: إذا رأيت الرجل يغمز حماد بن سلمة فاتهمه على الإسلام؛ فإنّه كان شديداً على المبتدعة.( 3)[ تعالى][]
وهذا الإمام الشافعي قال عنه البيهقي: وكان - رضي الله عنه - شديداً على أهل الإلحاد وأهل البدع مجاهراً ببغضهم وهجرهم" [مناقب الشافعي ( 1/469 )]



وكذلك إمام أهل السنّة في عصره أبو محمد الحسين بن عـلي البربهاري ( ت :329) ، قال عنه ابن كثير: العالم الزاهد الفقيه الحنبلي الواعظ، صاحب المروزي وسهلاً التستري، ... وكان شديداً على أهل البدع والمعاصي، وكان كبير القدر تعظمه الخاصة والعامة. [البداية والنهاية ( 11/213)]
وقـال ابن رجب: " شيخ الطائفة في وقته ومتقدّمها في الإنكار على أهل البدع والمباينة لهم باليد أو اللسان. [طبقات الحنابلة ( 2/18 )]
وكانت للبربهاري مجاهدات ومقامات في الدين كثيرة وكان المخالفون يغـلّظون قلب السلطان عليه. [المنهج الأحمد ( 2/37 )]
ومن أقواله: مثل أصحاب البدع مثل العقارب، يدفنون رؤوسهم وأبدانهم في التراب ويخرجون أذنابهم،فإذا تمكّنوا لدغوا، وكذلك أهل البدع هم مختفون بين الناس فإذا تمكّنوا بلغوا ما يريدون. [طبقات الحنابلة ( 2/44 )]
وقال أيضاً: إذا ظهر لك من إنسان شيء من البدع فاحذره فإن ما أخفى عنك أكثر مما أظهر.[شرح السنة (123 رقم 148)]
وكذلك ما قيل فيشيخ الإسلام أبي إسماعيل عبد الله الأنصاري الهروي (ت:481)، فقد قال عنه ابن رجب: " كان سيّداً عظيماً وإماماً عارفاً وعابداً زاهداً ... شديد القيام في نصر السنّة والذبّ عنها والقمع لمن خالفها، وجرى له بسبب ذلك محنٌ عظيمة، وكان شديد الانتصار والتعظيم لمذهب أحمد ". [ذيل الطبقات ( 3/ 60-61 )]قال الذهبي: كان جذعاً في أعين المبتدعة وسيفاً على الجهميّة" [العبر ( 2/343)]
وقد جاء في ترجمته أنه قال:عُرضت على السيف خـمس مرّات، لا يقال لي: ارْجع عن مذهبك، لكن اسكتْ عمن خالفك، فأقول: لا أسكت. [السير( 18/509)]



وهذه – أيضاً – صورة مشرقة لمعاملة أهل السنّة لأهل البدع تتضح من خلال ترجمة المحدث الإمام أحمد بن عون الله بن حدير أبي جعفر الأندلسي القرطبي (ت:378هـ)، فقد قال أبو عبد الله محمد بن أحمد بن مفرج: "كان أبو جعفر أحمد بن عون الله محتسباً على أهل البدع غليظاً عليهم مذّلاً لهم طالباً لمساوئهم مسارعاً في مضارّهم شديد الوطأة عليهم مشرّداً لهم إذا تمكن منهم غير مبقٍ عليهم، وكان كل من كان منهم خافياً منه على نفسـهم توقياً، لا يداهن أحداً منهم على حال ولا يسالمه، وإن عثر على منكر وشهد عليه عنده بانحرافٍ عن السنّة نابذه وفضحه وأعلن بذكره والبراءة منه وعيّره بذكر السوء في المحافل وأغرى به حتى يهلكه أو ينزع عن قبيح مذهبه و سوء معتقده ولم يزل دؤوباً على هذا جاهداً فيه ابتغاء وجه الله إلى أنلقي الله تعالى ". [تاريخ دمشق ( 5/118)]
وكذلك الإمام أسد بن الفرات – رحمه الله -، فقد جاء في رسالة أسد ابن موسى المعروف بأسد السنّة التي كتبها لأسد بن الفرات فقال: 
" اعلم – أي أخي – أن ما حملني على الكتابة إليك ما ذكر أهل بلادك من صالح ما أعطاك الله من إنصافك الناس( 4)،وحسن حالك مما أظهرت من السنّة، وعيبك لأهل البدعة، وكثرة ذكرك لهم، وطعنك عليهم، فقمعهم الله بك، وشدّ بك ظهر أهل السنّة، وقواك عليهم بإظهار عيبهم، والطعن عليهم، فأذلهم الله بذلك، وصاروا ببدعتهم مستترين. فأبشر – أي أخي – بثواب ذلك، واعتد به أفضل حسناتك من الصلاة والصيام والحج و الجهاد. وأين تقع هذه الأعمال من إقامة كتاب الله وإحياء سنّة رسوله … وذُكر أيضاً أنّ لله عند كل بدعة كيد بها الإسلام وليّاً لله يذبّ عنها،وينطق بعلاماتها … فاغتنم ذلك، وادع إلى السنّة حتى يكون لك في ذلك أُلفة،وجماعة يقومون مقامك إن حدث بك حدث، فيكونون أئمة بعدك، فيكون لك ثواب ذلك إلى يوم القيامة كما جاء الأثر، فاعمل على بصيرة ونيّة وحسبة، فيرد الله بك المبتدع المفتون الزائغ الحائر، فتكون خلفاً من نبيك - صلى الله عليه وسلم-، فإنك لن تلقـى الله بعمل يشبهه. وإياك أن يكون لك من أهل البـدع أخ أو جليس أو صاحب … ". ا[لبدع والنهي عنها لابن وضاح ( ص: 28)]
وأختم بهذه النصيحة للإمام البربهاري – رحمه الله – قال:
فاحذر ثم احذر أهل زمانك خاصة، وانظر من تجالس، وممن تسمع، ومن تصحب، فإن الخلق كأنهم في ردة؛ إلا من عصم الله منهم!. [شرح السنة :116]
وصلى اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
1 /قال العلامة الشيخ حمود التويجري –رحمه الله وغفر له- عن هذه الرواية وتطبيقها على أهل البدع كجماعة التبليغ: " وهذه الرواية عن الإمام أحمد ينبغي تطبيقها على الذين يمدحون التبليغيين ويجادلون عنهم بالباطل، فمن كان منهم عالماً بأن التبليغيين من أهل البدع والضلالات والجهالات، وهو مع هذا يمدحهم ويجادل عنهم؛ فإنّه يلحق بهم، ويعامل بما يعاملون به، من البغض والهجر والتجنُّب، ومن كان جاهلاً بهم، فإنه ينبغي إعلامه بأنهم من أهل البدع والضلالات والجهالات، فإن لم يترك مدحهم والمجادلة عنهم بعد العلم بهم، فإنه يُلحق بهم ويُعامل بما يُعاملون به." [القول البليغ ( ص : 230-231 )]
2 / ونرى ذلك في الفرق المعاصرة كـ(الأخوان وفصائلها والتبليغ –التي حكم عليهم إمام العصر: ابن باز؛ بأنهم من الثنتين والسبعين فرقه الضالة-) وغيرهم من الفرق، وكأنهم مختلفون فيما بينهم ولكنهم مجتمعون في السيف على حكام المسلمين ومعاداتهم أهل السنة.
قال الإمام البربهاري: واعلم أن الأهواء كلها رديّة، كلها تدعوا إلى السيف. [شرح السنة: 122]
3 / كان السلف يعدّون الطعن على أهل السنّة والذابين عنها؛ من علامات أهل البدع والضلال، بل قد يعدّون الرّجل من أهل البدع بمجرد طعنه عليهم،قال أبو زرعة: إذا رأيت الكوفي يطعن على سفيان الثوري وزائدة: فلا تشك أنّه رافضي، وإذا رأيت الشامي يطعن على مكحول والأوزاعي: فلا تشك أنّه ناصبي، وإذا رأيت الخراساني يطعن على عبد الله بن المبارك: فلا تشك أنّه مرجئ، واعلم أنّهذه الطوائف كلها مجمعة على بغض أحمد بن حنبل؛ لأنّه ما من أحد إلا وفيقلبه منه سهم لا بُرْء له [طبقات الحنابلة (1/199 )]. 
وقال أبو حاتم -أيضاً-: (( علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر))[ للالكائي (1/179)]. وقال الإمام أبو عثمان الصابوني: (( وعلامات البدع على أهلها بادية ظاهرة، وأظهر آياتهم وعلاماتهم: شدة معاداتهم لحملة أخبار النبيصلى الله عليه وسلمو احتقارهم واستخفافهم بهم)) [عقيدة السلف (101)]. قال السفاريني: (( ولسنا بصدد ذكر مناقب أهل الحديث فإنَّ مناقبهم شهيرة ومآثرهم كثيرة وفضائلهم غزيرة، فمن انتقصهم فهو خسيس ناقص، ومن أبغضهم فهو من حزب إبليس ناكص)) [ لوائح الأنوار (2/355)].
4 / تنبه - أخي في الله - إلى أنه جعل ذكر معائب أهل البدع والطعن عليهم وكثرة ذكر ذلك من الإنصاف للناس، ولم يجعل الإنصاف ذكر الحسنات إلى جانب السيئات كمايقوله أهل منهج الموازنات، ألا ساء ما يحكمون.