العلــــم النافـــــع

موقع رائع يقدم لكم أبحاث ومعلومات ومعارف مدققة ومحققة بإذن الله تعالى ،وما توفيقي إلا بالله .

الأربعاء، 21 مارس 2012

الفجر الصادق والفجر الكاذب


            إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ،من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله  .
          أما بعد ؛ فبمنة من الله وفضله ، كتبت هذه الرسالة المختصرة في الفرق بين الفجر الصادق والفجر الكاذب راجيا من سبحانه وتعالى أن يتقبلها خالصة لوجهه الكريم.


       نقطة البداية تكون حديث أنس رضي الله عنه قال : " سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن وقت صلاة الغداة ? فصلى حين طلع الفجر , ثم أسفر بعد , ثم قال : أين السائل عن وقت صلاة الغداة ? " ما بين هذين وقت  " . 
        قال الشيخ الألباني : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين و هو من أدلة القائلين بأن الوقت الأفضل لصلاة الفجر إنما هو الغلس و عليه جرى الرسول صلى الله عليه وسلم طيلة حياته كما ثبت في الأحاديث الصحيحة و إنما يستحب الخروج منها في الإسفار و هو المراد بقوله صلى الله عليه وسلم : " أسفروا بالفجر , فإنه أعظم للأجر " . و هو حديث صحيح أخرجه البزار و غيره عن أنس , و عاصم بن عمر بن قتادة عن جده و هو في " السنن " و غيرها من حديث رافع بن خديج , و هو مخرج في " المشكاة " ( 614 ) و في " الإرواء " ( 258 ).
           اعلم ،رحمك الله ، أن تبين طلوع الفجر الصادق يكون بثلاث طرق :
1> الطريقة الأولى : تبين بياض النهار من سواد الليل وهذا هو الوارد في قوله تعالى : " وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر " وقول رسوله صلى الله عليه وسلم : " إنما ذلك بياض النهار وسواد الليل " حديث متفق عليه.
لكن يصعب ذلك ، وعليه نعتمد على التفسير الآتي :
إنه البياض الذي يظهر في الأفق ويكون ما فوقه سواد داكن ، وهذا يوافق الأحاديث التي سنذكرها في هذا الشأن .
2> الطريقة الثانية : وهي ظاهر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يمنعكم من سحوركم أذان بلال ولا الفجر المستطيل ولكن الفجر المستطير في الأفق " رواه الترمذي وقال "حديث حسن" وصححه الألباني في إرواء الغليل .
فدل هذا الحديث على إحدى علامات الفجر الصادق ألا وهي البياض المستطير الملتصق بالأفق عرضا  وليس البياض المستطيل الصاعد في السماء كذنب السرحان فهذا فجر كاذب وهذا ما اشار إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث جابر رضي الله عنه " الفجر فجران ؛ فأما الفجر الذي يكون كذنب السرحان  ؛ فلا يحل الصلاة ولا يحرم الطعام ، وأما الفجر الذي يذهب مستطيلا في الأفق ؛ فإنه يحل الصلاة ويحرم الطعام " حديث صححه الألباني في صحيح الجامع .
3> الطريقة الثالثة : وهي معرفة أمارات خارجة عن بياض الأفق المذكور ، وقد تم ذكرها في عدة أحاديث من بينها حديث عائشة رضي الله عنها قالت : " لقد كان نساء من المؤمنات يشهدن الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم متلفعات بمروطهن ، ثم ينقلبن إلى بيوتهن وما يعرفن من تغليس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة "صحيح أبي داود . 
والذي يبدو للباحث أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان ينصرف من صلاة الفجر في الغلس دائما ، بل كان ينوع ، وهو ما ذكر في أحاديث أخر تدل على أنه كان ينصرف حين تتميز الوجوه وتتعارف ، منها حديث أبي برزة الأسلمي قال :" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصرف من الصبح فينظر الرجل إلى وجه جليسه الذي يعرف فيعرفه " صحيح أبي داود ، وحديث أنس بن مالك " أسفروا بالفجر ؛ فإنه أعظم للأجر " أخرجه البزار وهو حديث صحيح .
ولمزيد من التوضيح نذكر الخلاصة التي ذكرها الشيخ ابن عثيمين في الفرق بينهما ، فقال رحمه الله :
"وذكر العلماء أن بينه - أي : الفجر الكاذب - وبين الثاني ثلاثة فروق:
الفرق الأول :       أن الفجر الأول ممتد لا معترض ، أي : ممتد طولاً من الشرق إلى الغرب ، والثاني : معترض من الشمال إلى الجنوب .
الفرق الثاني :      أن الفجر الأول يظلم ، أي : يكون هذا النور لمدة قصيرة ثم يظلم ، والفجر الثاني : لا يظلم بل يزداد نوراً وإضاءة .
الفرق الثالث :     أن الفجر الثاني متصل بالأفق ليس بينه وبين الأفق ظلمة ، والفجر الأول منقطع عن الأفق بينه وبين الأفق ظلمة .
وهل يترتب على الفجر الأول شيء ؟ لا يترتب عليه شيء من الأمور الشرعيَّة أبداً ، لا إمساك في صوم ، ولا حل صلاة فجر ، فالأحكام مرتبة على الفجر الثاني" انتهى .
" الشرح الممتع " ( 2 / 107 ، 108 )

وهذه إجابة للشيخ الألباني حين سأله أبو إسحاق الحويني عن الفجر الصادق :





               وبهذا يتبين ، إن شاء الله تعالى ، الفرق بين الفجر الصادق والفجر الكاذب
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق